لا تستنفذ موضوعة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة أغراضها، خاصّة في القدس العربيّة والمناطق الممتدّة من المدينة المقدّسة إلى ما حولها. ذلك ليس لأن الاستيطان، من الناحيّة التاريخيّة والأيدولوجيّة والسياسيّة، يحتلّ موقعاً جوهرياً في صلب العقيدة الصهيونيّة ويقف في مقدِّمة بنود وأهداف وتجليات المشروع الصهيوني “التاريخي” على أرض فلسطين. ولا لأن هذا الموضوع يحتلّ موقعه المتقدِّم في مجموعة القضايا الشائكة التي لم يتمّ البحث فيها ولم يجر حسمها في مفاوضات الحلّ الدائم المؤجّلة، جنباً إلى جنب مع قضيّتيّ القدس وعودة اللاجئين.. وغيرها، بل وأيضاً، لأن هذه القضيّة ما زالت تشهد تجدُّدها اليوميّ من خلال الإمعان الإسرائيلي المتواصل، والمخالف لكل القوانين والشرائع الدوليّة، والذي يتجلّى بالإمعان الإسرائيلي في مصادرة الأرض الفلسطينيّة ومواصلة بناء المستوطنات الجديدة، حيث تتزايد الوحدات السكنيّة التي تُبنى في المستعمرات القائمة إلى جانب التوسُّع الاستيطاني الإسرائيلي النهم لإقامة المزيد منها على حساب الأراضي العربيّة الفلسطينيّة المصادرة، ومنها مدينة القدس.
ولمّا كان موضوع الاستيطان الإسرائيلي الاستعماري الصهيوني في بيت المقدس وأكنافه حاضراً وبقوّة، ومُهدداً لأي مشروع مستقبليّ للسلام في المنطقة، ومصادِراً لأيّة إمكانيّة للتفاوض حول مدينة القدس العربيّة وحول مشكلة المستوطنات، كونه يمسّ المسألتين الجوهريتين معاً، وكون الممارسة الإسرائيليّة تضع عربة الأمر الواقع أمام حصان السلام لتزيد عجزه عجزاً، فإن بحث المسألتين معاً (القدس والمستوطنات) في علاقتهما الجدليّة، كما تتبدّى على الأرضً وفي الخيال الصهيوني وذهنيّة التوسع والتمدُّد الإسرائيليّة، تُشكِّل بالنسبة لنا محرِّكاً أساسياً لطرح هذا الموضوع على بساط البحث، للنظر في الأخطار المحدقة بمدينتنا المقدّسة وعنوان روحنا ومشروعنا الوطني.. وعاصمة دولتنا الفلسطينيّة المستقلّة.
من هنا، ومواصلة لمشروعها في طرح القضايا والمسائل الجوهريّة التي تمسّ مدينة القدس، بحاضرها ومستقبلها ومشكلاتها في القطاعات المختلفة، قرّرت دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينيّة، وبالتعاون مع جامعة القدس في أبو ديس، عقد سلسلة من الندوات التخصصيّة للبحث في شؤون القدس العربيّة والمشكلات التي تواجهها، وسبل الوصول إلى حلول ناجعة لها، من خلال التوصُّل إلى ترجمة عمليّة لشعار: “القدس أولاً” وحتّى لا يبقى الشعار كلماتً على الورق أو صرخة تتردد في الحناجر، فقد اجتهدنا في التقدُّم خطوة على طريق المعرفة، عب البحث والدراسة، وتقديم الرأي والرؤية، في محاولة لإخراج المدينة من مأزقها، ومن حصارها الإسرائيلي العنصري من كلّ الجهات وعلى كلّ الجبهات. وفي هذا السياق، وضمن طموح عريض مخطط له، نعكف عليه ونعد بمواصلته، عقدنا في دائرة شؤون القدس، عدداً من الندوات العلميّة التي تجهد في تأمُّل وبحث شؤون المدينة المقدّرسة. وقد تصدّرت الندوة الأولى لموضوعة “القدس: حاضر ومستقبل” (القدس – أبو ديس 27 نيسان 2010 )، والتي تناولت عدداً من القضايا والمشكلات التي تمسّ مدينة القدس – 26 في الحاضر والمستقبل، فتعيق تطورها وحياة أهلها الفلسطينيين المقدسيين المتشبثين بالعيش والصمود فيها، تحت ظروف يزيدها الاحتلال صعوبة وقهراً.
ثم عقدنا ندوة ثانية حملت عنوان “المشهد الثقافي في مدينة القدس” (أواخر تشرين الثاني2010 في مدينة رام الله – البيرة)، وكرّست أوراقها ومناقشاتها للبحث في مشكلات القطاع الثقافي في مدينة القدس، وما آل إليه من تخريب منهجي بفعل ممارسات الاحتلال الإسرائيليّ الظالم للمدينة، وسياساته العنصريّة التي حرصت على تدمير مؤسساتنا الثقافيّة الوطنيّة فيها، وطمس وانتحال وتخريب مفردات الثقافة الوطنيّة بمختلف تجلياتها، ومحاولة تبديد الهويّة الوطنيّة الفلسطينيّة للقدس. وقد حرصنا في هذه الندوات أن نتجاوز مجرّرد تقديم المعطيات المعرفيّة للموضوع المطروح، لنصل من وراء البحث إلى وضع التوصيات التي تقترح الخطوط العريضة التي تتصدّرى للمشكلات الكبرى والتفصيليّة التي تواجهها مدينة القدس المحتلة.
وفي هذا السياق أيضاً، كان لدائرة شؤون القدس لقاء آخر للبحث العلميّ الذي يتصدّى للمشكلات التي تعانيها المدينة، فكان أن بادرنا إلى عقد ندوة “الاستيطان الإسرائيلي الاستعماري في القدس” ( 18 كانون الثاني 2012 – القدس – أبو ديس)، والتي تناولت في أوراقها تفاصيل المشروع الاستيطاني في القدس ومخططات الأسرلة والتهويد منذ احتلال الجزء الشرقيّ للمدينة في حرب حزيران 1967 وحتى الآن، في حين ركّزت أوراق أخرى على الاستيطان الإسرائيلي والبؤر الاستيطانيّة في القدس العربيّة، خاصّة في المدينة القديمة والحوض المقدّس. وطرقت أوراق تخصصيّة في موضوعها مسألة الاستيطان الإسرائيلي في الاتفاقيات الدوليّة والقانون الدولي، مع رصد عمليات التهويد والأسرلة للمدينة المقدّسة ومواجهتها على الجانب الفلسطيني.
أحمد قريع (أبوعلاء)
رئيس دائرة شؤون القدس
منظمة التحرير الفلسطينيّة
جدول الكلمات الافتتاحية والدراسات التي تمت مناقشتها في ندوة الاستيطان الإسرائيلي الاستعماري في القدس
العنوان | المتحدّث | |
---|---|---|
1 | كلمة رئيس دائرة شؤون القدس | الأخ أحمد قريع |
2 | القدس 44 عاماً من الاستيطان الاستعماري | جاد إسحق وسهيل خليليّة |
3 | الاستيطان والبؤر الاستيطانية اليهودية في القدس العربية | د. ثابت أبو راس |
4 | الاستيطان في القدس القديمة والحوض المقدّس | خليل التفكجي |
5 | الاستيطان في القانون الدولي | المحامي قيس يوسف ناصر |
6 | البعد القانوني للمستوطنات في الاتفاقيات والقوانين الدولية | د. موسى الدويك |
7 | القدس بين التهويد والمواجهة | المحامي أحمد الرويضي |
8 | القدس: السياسات الاستعمارية الاحلالية الإسرائيلية | وليد سالم |
9 | التقرير الختامي والتوصيات |